"المرة" بين التراث والعلم: لماذا لا تزال حاضرة في كل بيت خليجي؟
اكتشف أسرار "المرة" العشبة التي جمعت بين تقاليد الطب العربي القديم والعلوم الحديثة. في هذا المقال نتناول أصولها، استخداماتها التاريخية، وتحليلًا علميًا لمكوناتها، إلى جانب تحذيرات مهمة وطرق الاستخدام المثبتة علميًا. كن واعيًا بما تستخدم، وافهم كيف تتعامل المرة مع جسدك ودوائك.

المرة: كنز الصحراء بين الموروث الشعبي والعلم الحديث
الجذور التاريخية والهوية الشعبية
1. الاسم العلمي والعامي للعشبة
-
الاسم العلمي: Commiphora myrrha
-
الأسماء العامية: المرة، المرّ، مرّة بلدي، مر الحجاز، مرّ يماني.
وتُعرف في الخليج والسعودية بـ"المرة" أو "المر البلدي"، بينما يُطلق عليها في بعض مناطق اليمن "المر الحجازي".
2. الأصول التاريخية واستخدامات الطب الشعبي
عُرفت المرة منذ آلاف السنين، وذُكرت في النقوش المصرية القديمة، إذ استُخدمت في تحنيط الجثث لخصائصها المضادة للتعفن. كما وُثقت في الطب العربي واليوناني كدواء مطهر ومضاد للالتهاب.
-
في الطب العربي القديم: استُخدمت لعلاج التقرحات، وأمراض المعدة، والتهابات اللثة، وكمطهر نسائي.
-
في الطب الصيني التقليدي: استُخدمت لتسكين الألم وتحفيز الدورة الدموية.
-
في الأيورفيدا (الهندي): اعتُمدت لعلاج مشاكل الهضم والالتهابات.
-
في الطب الأوروبي الشعبي: كانت تدخل في تركيب المعاجين العطرية والمراهم المطهرة.
3. الاستخدامات الشائعة في المجتمعات
في المجتمع السعودي والخليجي، تُستخدم المرة غالبًا على هيئة منقوع في ماء دافئ يُشرب أو يُستخدم كغسول للفم والتقرحات.
في مناطق الشام واليمن، تُستخدم أيضًا في التحاميل المهبلية والمراهم لعلاج الالتهابات النسائية.
أما في الهند، فتُخلط مع الزيوت وتُستخدم دهانًا موضعيًا لعلاج المفاصل.
وفي إفريقيا، تُحرق كمادة عطرية لطرد الأرواح الشريرة حسب المعتقدات القديمة.
4. التحليل العلمي الحديث للعشبة
تحتوي عشبة المرة (Commiphora myrrha) على مجموعة من المركبات النشطة، أبرزها:
-
الراتنجات: التي تعطيها خواصًا مضادة للبكتيريا والفيروسات.
-
الزيوت الطيارة: مثل furanoeudesma-1,3-diene وcurzerene ذات التأثيرات المضادة للالتهاب.
-
الستيرولات: التي تساهم في التأثيرات المناعية.
وقد أظهرت دراسات مخبرية أن مستخلص المرة يُظهر فعالية في مقاومة أنواع متعددة من البكتيريا، مثل Staphylococcus aureus وEscherichia coli، إضافة إلى تأثيرها كمضاد أكسدة طبيعي.
طرق الاستخلاص الأكثر شيوعًا تشمل التقطير بالبخار لاستخلاص الزيوت الطيارة، والنقع الكحولي لاستخلاص المركبات الراتنجية الفعالة.
5. الاستخدامات الطبية الموثقة بدراسات
-
علاج التهابات الفم واللثة: أظهرت دراسة نُشرت في Journal of Medicinal Plants Research أن غسول الفم المحتوي على مستخلص المرة قلّل بشكل ملحوظ من التهابات اللثة خلال أسبوعين فقط.
-
تحسين التئام الجروح: بيّنت تجربة على الحيوانات أن تطبيق معجون من المرة على الجروح ساعد على تسريع عملية الالتئام بفضل خصائصها المضادة للميكروبات.
-
تقليل آلام الحيض: دراسة سريرية على مجموعة من النساء أثبتت أن استخدام المرة ضمن تحاميل مهبلية خفف الألم والانزعاج المرتبط بالدورة الشهرية.
-
مضاد للأورام: دراسات أولية أظهرت أن بعض المركبات في المرة تمتلك تأثيرًا مثبطًا على نمو الخلايا السرطانية، خاصة في سرطان الثدي والكبد، لكن هذه النتائج لا تزال بحاجة لتجارب سريرية مؤكدة.
6. التحذيرات والجرعات والتداخلات الدوائية
-
الآثار الجانبية المحتملة: قد تسبب تهيجًا في المعدة أو الفم إذا استُخدمت بجرعات كبيرة. كما سُجلت حالات من الطفح الجلدي التحسسي.
-
الجرعة اليومية الآمنة: تتراوح بين 500 إلى 1500 ملغم من المستخلص الجاف، أو ملعقة صغيرة من المنقوع مرة إلى مرتين يوميًا.
-
التداخلات الدوائية: يُنصح بالحذر عند استخدامها مع:
-
أدوية مميعة للدم مثل الوارفارين، فقد تزيد من خطر النزيف.
-
الأدوية المنظمة لسكر الدم، لأن المرة قد تخفض سكر الدم وتؤدي إلى تداخل مع جرعات الأنسولين أو الميتفورمين.
-
7. الأعشاب المرافقة الشائعة
-
القسط الهندي: يُستخدم مع المرة لدعم المناعة وتنقية الجسم.
-
السنامكي: يُدمج أحيانًا مع المرة في وصفات تنظيف القولون.
-
الزنجبيل: يُستخدم معها في وصفات معالجة التهابات المفاصل، لتعزيز التأثير المضاد للالتهاب وتحسين الدورة الدموية.